للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له: يا أبا يعقوب، قد جعل هؤلاء الجند في فؤادي كل دودة مثل هذه، وأشار إلى إصبعه، وأخذ ابن نصر كتابه إلى أبي تميم بذلك.

فأرسل أبو تميم صاحبه وهو عبد كان لهم من الروم يقال له جوهر، فخرج في مائة ألف فوافى مصر ودخلها بلا حرب ولا قتال ولا خلاف في في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، واستولى على الكنوز وبيوت الأموال، وخرج أميرها أبو محمد الحسن بن عبيد الله بن الأخشيد فأقام بالرملة، فخرج إليهم جعفر بن فلاح في عسكره فكبسه وأنفذه/ إلى جوهر، فأنفذه إلى المغرب «١» ، إلى أبي تميم. فلما حصل عنده أظهر له البشر والبشاشة وقال له: أنت ولدي ولحمي ودمي، وإنما أنفذت جوهرا لنصرتك وطاعتك، والله يا بني ما حصل جوهر بقلشانة حتى لزمني عليه أربعة ألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار، وقلشانة هو منزل بالغرب من أفريقيه. فطن أبن عبيد الله أن الأمر كما قال، فقعد يسعى بجوهر والقواد الذين استأمنوا إليه من المصريين، مثل نحرير الأزغلي، ونحرير شويزان، وشمول، وغيرهم من القواد والأمراء، وكان كل واحد منهم كقارون في الغنى، فكتب المعز إلى جوهر فقبض عليهم وغدر بهم أجمعين، وحملهم إلى المغرب وقبض نعمهم وكنوزهم. وحصلوا بالمغرب مع ابن عبيد الله بن الأخشيد فما يعرف لهم خبر إلى هذه الغاية. ووافى أبو تميم معدّ بن اسماعيل مصر في سنة اثنين وستين وثلثمائة.

وقد كان للقرامطة الذين بالأحساء عليه أتاوه وجزية يأخذونها منه عن أعماله وما في يده، فأخرها عنهم واستطال عليهم وعلى الناس كلهم بملكه مصر. وقال جوهر وقد ذكرت له قرامطة الأحساء والجزية التي لهم عليهم،


(١) في الأصل: «أنفذه»