كل من سمع أخبارهم وتصفح سيرهم، وخلق/ كثير على مثل طرائقهم في بلدان الاسلام يستشفون بالقرآن وبماء زمزم من أمراض متفاوتة.
وربما ادّعوا ذلك عند سماع كلامنا، فيقولون: الترياق الكثير قد نعطيه في الأمراض المتفاوتة، ولو كان ذلك كما ادّعوا لكان آكد لما قلنا، ولكن ما يكاد يوجد ذلك في أدويتهم وأخلاطهم كما وجد الناس ذلك في القرآن وفي ماء زمزم.
فأما قولهم ليس في أدوية العين ماء الكمأة فإن هذا قول من لا يعرف الربوبية ولا العادة ولا الطب ولا الأطباء، فان أدوية الأمم مختلفة غير متفقة، فطبّ الهند غير طبّ العرب، وطبّ الروم غير طبّ الفرس، وطبّ سكان المدن غير طب سكان القرى، وطبّ البوادي وسكان الجبال وبيوت الشعر والوبر غير طب أهل القرى، ولحنين ابن إسحق كتاب ذكر فيه أدوية كثيرة لا يعرفها بقراط ولا جالينوس ولا ذكرها، منها: الجدريّ والحصبة، وزعموا أنه لا يعرفها، حتى قال ابن زكريا الرازي: يشبه أن يكون قد عرفها. فإنه قال: العدس جيد لغليان الدم، فقيل له: كذا تظن أنت يا ابن زكريا. فإن قيل: مثل هذه الأمراض الهائلة العامة الشاملة حتى لا يكاد ينجو منها إنسان إلا القليل، وحتى صارت تعرض لبعض البهائم، وهي خطيرة، لا تقتصر من جالينوس وبقراط وطب الروم واليونانيين على هذا المقدار مع كثرة كلام جالينوس في كتبه في صفة الأمراض والمرض ومن داواه.
وكثير من بلدان خراسان يتداوون من الحمايات الحادة باللحمان وبالشواء والاسفيداج وهو الشفاء عندهم، وأهل هراة/ وقاين وما إلى ذلك، «١»
(١) قاين: بلد بين نيسابور وأصبهان، وهراة: من أمهات مدن خراسان معجم البلدان