يتداوون من الحمايات بتذويب الإلية والشحوم ويتحسونه حارا ويستشفون به، وأهل نيسابور يتخذون من ورائهم في الحمايات بالسمن، وأهل طبرستان يتداوون من الأمراض بالثوم في الشتاء والصيف ويقولون: هو في الشتاء حار وفي الصيف بارد، وأهل جبال فارس يتداوون من الحمايات بالفراخ ولا يتدافعون انها باردة.
وحتى أن كثيرا من الادوية تنفع حينا ثم لا تنفع بعد ذلك بل يكون داء قاتلا، لا لشيء أكثر من انهم وجدوه كذلك. ألا ترى أن جالينوس كان يعالج المقروحين ومن في صدره قرحة السعال وحمى الدق بالفلفل والزنجبيل وما أشبه ذلك، وهذا عند غيره، وفي هذا الزمان، وفي هذه الأمراض من الادواء القاتلة.
ولقد عرض ببغداد في زمن موسى بن سنان، وإبراهيم بن بكس أبو ابن بكس هذا الضرير الطبيب، والحسن اليهودي وأمثالهم من حذاق المتطببين ببغداد وهي إذ ذاك أعمر ما كانت، وهؤلاء القوم على البيمارستانات وخدمة الملوك، فعرض القفّاع وكثر، فقال موسى بن سنان لإبراهيم بن بكس خذ يا أبا إسحق الى ساعورك من هؤلاء المقفعّين مائة وتقاسموهم، فقال ابن بكس فرجعت في علاجهم إلى أدوية جالينوس وأوصافه، فما داويت أحدا منهم إلا مات، وما زالت الجنائز حتى مات منهم ستون، فكففت عن علاج الباقي وهم أربعون، فما مات منهم أحد.
والكتاب المعروف بالميمر لجالينوس وهو سيفه وتجاربه الذي كان يداوي به المرضى، لا يقربه المتطببون ولا يداوون أحدا به، وكذا الكثير من كتبه «١» ،