للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والانسان المثير لها هو المحرق بها لا هي، كما أن القاتل بالسهم الذي يرميه وينفذه في المقتول هو القاتل لا السهم، وكذا الضارب بالسيف والقاتل به هو المفرق لأجزاء المقتول بالسيف لا السيف، وكذا القاتل بالحجر هو القاتل به لا الحجر.

وقد قال أبو هاشم وغيره: إن العاقل يعلم باضطرار أن الجماد لا يقع منها فعل ولا تفعل، كما يعلم أنها لا تسمع ولا تبصر، وإن كان ماني القس الذي تقدم ذكره يقول إنها تسمع وتبصر وتحس.

ولكن لما وقع الاسهال عقيب شرب بعض الأشياء ظن هذا الجاهل أن ذاك فعل الدواء، كما ظن هذا عند صوت الخشبة إذا شقت ونشرت أن ذاك صحيح منها لتألمها، فاحتجنا أن ننبه على فرط جهلهم، وإن كان الأمر في الوضوح كما قال ابو هاشم/ وهم في هذا كمن قال للبيضة فعل الديك، والحيوان فعل أبيه، لأن ذلك يؤخذ عقيب سفاد هذه الفحولة، كما أن الاسهال يكون عقيب شرب الدواء.

فإن قالوا: فقد يكون السفاد ولا يكون الولد وقد يكون ولا يكون، قيل له: وقد يكون الاسهال عقيب الدواء وقد لا يكون، حتى أن الطبيب يعطي لمن بدنه مملوء بالصفراء دواء ليسهله عشر مجالس فقد لا يسهله، وقد يريد يسهله مجلس واحد، فربما جاءه عشرة مجالس، وربما أسهله مائة، وقد وجدنا الحنظال والسقمونيا يأكلها كبير الحيوان فلا يقتلها ولا يسهلها. بل يغذوها ويحييها كما قد تقدم شرح ذلك.

وكذا قال أبو علي رحمه الله للفلكيين والمنجمين حين قالوا: إن النبات فعل الشمس لأنا نجدها إذا طلعت على الأرض ظهر نباتها، فقال لهم: ولم