للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وعلى قومك" قال: وعلى قومي، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فمروا بقومه. فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟

فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة.

فقال: ردوها. فإن هؤلاء قوم ضماد" (١).

انظروا عباد الله! أرادوا أن يصدوا الناس عن رسول الله باتهامه أنه مجنون، فكان ذلك سبب أن يدخل الناس في دين الله أفواجاً.

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ مما سمعنا فهي كثيرة منها:

أولاًَ: لا مجال للسرية والكتمان والخفاء في الدعوة إلى الله تعالى، وذلك بعد أن أنزل الله -عز وجل- على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} وقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)} [الحجر: ٩٤]، فالله -عز وجل- أظهر دينه وأعلى كلمته وعرف الإِسلام، وأرسيت قواعده ومبادئه، وعرفها القاصي والداني، وسمع بها القريب والبعيد، فلا مجال للسرية، ولا مجال للكتمان، ولا مجال للخفاء.

وكان السلف الصالح -رضوان الله عليهم- ينكرون السرية ويعيبونها وأهلها الذين يسرون بدعوتهم ويدعون الناس بين الجدران في ظلام الليل، فديننا ليس فيه شيء للخواص وشيء للعوام، إنما الإِسلام يدعو الناس


(١) رواه مسلم (رقم ٨٦٨).