للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاقْتَرِبْ (١٩)} [العلق: ٦ - ١٩] (١).

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر أبو جهل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فقال: ألم أنهك أن تصلي يا محمَّد! فانتهره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له أبو جهل: لم تنهرني يا محمَّد! فوالله لقد علمت ما بها أحدٌ أكثر نادياً مني. فقال جبريل: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} [العلق: ١٧ - ١٨]. فقال ابن عباس: والله؛ لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب (٢).

عباد الله! إيذاء واعتداء من كفار مكة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويا ليت الأمر توقف عند ذلك ولكنهم قرروا أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

عن عروة بن الزبير أنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً. فأقبل أبو بكر - رضي الله عنه - فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: ٢٨] (٣).

عباد الله! وحزن النبي- صلى الله عليه وسلم - حزناً شديداً؛ لما يفعله كفار مكة من الاعتداءات عليه وعلى أصحابه، فما كان الله ليتركه حزيناً بل أراه من الآيات وخوارق العادات ما ربط على قلبه وثبته.

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو جالس حزيناً، قد خضب بالدماء؛ ضربه بعض أهل مكة، فقال له:


(١) رواه مسلم (رقم ٢٧٩٧).
(٢) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٤٤).
(٣) رواه البخاري (رقم ٤٨١٥).