إن كنت إنما تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً - مساكين أهل الدنيا، ظنوا أن الدعوة تباع بالمال والمنصب، والذي يترك دعوته من أجل منصب ومال داعية فاشل راسب-، وإن كنت تريد شرفاً سوّدناك علينا فلا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك -أي مساً من الجن- طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فرغت"؟ قال: نعم.
حتى وصل إلى قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)} [فصلت: ١٣]، أمسك عتبة على فيه، وناشده الرحم أن يكف عنه، ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم.
فقال أبو جهل: والله يا معشر قريش! ما نرى عتبة إلا صبا إلى محمَّد، وأعجبه كلامه، وما ذاك إلا من حاجة أصابته، انطلقوا بنا إليه، فأتوه، فقال أبو جهل: والله يا عتبة! ما جئنا إلا أنك صبوت إلى محمَّد وأعجبك أمره، فإن كان بك حاجة؛ جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمَّد فغضب،