وأقسم بالله لا يكلم محمداً أبداً، وقال: لقد علمتم أني أكثر من قريش مالاً، ولكني أتيته -وقص عليهم القصة- فأجابني بشيء والله! ما هو بسحر ولا بشعر ولا كهانة- قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢)} حتى بلغ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)}، فأمسكت بفيه، وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب، فخفت أن ينزل عليكم العذاب" (١).
عباد الله! ظن كفار مكة أن الأنبياء طلاب دنيا، يريدون بدعوتهم الدنيا الفانية، ولذلك تقدموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه المحاولة، وهي إغراؤه بالمال، والملك والرئاسة، والسيادة، ولكنهم فشلوا في ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجبهم إلى طلبهم.
ثانياً: انتقل كفار مكة إلى محاولة ثانية ألا وهي ما يسمى بلغة العصر "تقارب الأديان"
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن قريشاً وعدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطئوا عقبه (أي: يسوده) فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمَّد! وكف عن شتم آلهتنا، فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح، قال:"وما هي؟ " قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة! فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حتى أنظر ما يأتي من عند ربي"، فجاء الوحي