للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتاهم، قال له عمه: يا ابن أخي! إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فَحَلّقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ببصره إلى السماء، فقال: "ترون هذه الشمس؟ " قالوا: نعم، قال: "فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعلوا منها بشعلة".

- والمعنى ما أقدر أن أترك دين الله الذي أمرني بتبليغه كما أنكم لا تقدرون أن تأتوا من الشمس بشعلة تشتعلون بها-

"فقال أبو طالب: والله! ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا" (١).

عباد الله! وهكذا أيد الله سبحانه نبيه بعمه على مخالفته لدينه، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (٢). فأيد الله -تبارك وتعالى- رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأبي طالب مع أنه مات على الكفر.

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ مما سمعنا فهي:

أولاً: الداعي إلى الله لا يترك دعوته أبداً في مقابل عرض من أعراض الدنيا، فما من نبي جاء لقومه إلا قال لهم: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا}.

ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - عندما عرض عليه كفار مكة المال والجاه والسلطان لم يناقشهم فيها، فهي أسقط وأذل من أن تناقش، ولكنه عرض عليهم أن يؤمنوا بالله وحده فتلى عليهم القرآن.

وهذا سليمان عليه السلام بعث بكتابه إلى بلقيس ملكة سبأ يدعوها


(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٤٤).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٠٦٢)، ومسلم (رقم ١١١).