عباد الله! كان عمر بن الخطاب رجلاً قوياً مهيباً، وكان يؤذي المسلمين ويشتد عليهم، حتى يئس بعضهم من إسلامه لما رأى من غلظته وقسوته على المسلمين، ولكن شدة عمر الظاهرة تكمن خلفها رحمة ورقة، وكان بعض المسلمين مما يرى من قسوة عمر على المسلمين كان يقول: بأنه لا يمكن أبداً أن يسلم عمر.
عن أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت: "والله، إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر بن ربيعة (تعني زوجها) في بعض حاجاتنا؛ إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه، قالت: وكنا نلقي منه من البلاء؛ أذى لنا وشدة علينا، قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله؟
قلت: نعم، والله لنخرجن في أرض من أرض الله- إذ آذيتمونا وقهرتمونا- حتى يجعل الله لنا مخرجاً.
قالت: فقال: صَحِبَكُم الله. ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه- فيما أرى- خروجنا.
قالت: فجاء عامر (وهو زوجها) بحاجته تلك.
فقلت له: يا أبا عبد الله! لو رأيت عمر آنفاً ورقته وحزنه علينا!