للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: يقول عمر من خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم.

قال: وطلح (أي أعيا) فقعد، وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فاحلف بالله أن لو كنا ثلاث مئة رجلٍ لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا قال: فبينما هم على ذلك؛ إذ أقبل شيخ من قريش -عليه حلة حبرة وقميص موشى- حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟

فقالوا: صبأ عمر! قال: فمه؛ رجل اختار لنفسه أمراً؛ فماذا تريدون؟! أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا؟! خلوا عن الرجل، قال: فوالله؛ لكأنما ثوباً كُشط عنه.

قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى (المدينة): يا أبت! من الرجل الذي زجر القوم عنك بـ (مكة) يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟

قال: ذاك أي بني! العاص بن وائل السهمي (١).

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أول من جهر بالإِسلام عمر بن الخطاب" (٢)، أسلم عمر وانتشر الخبر وازداد الكفار هماً وغماً، وازداد المسلمون فرحاً وعزة ومنعة بإسلام عمر.

عباد الله! ولم يكتف عمر - رضي الله عنه - بذلك بل طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُعلن إسلامه في كل مجلس كان يجلسه في الكفر.


(١) إسناده جيد قوي، انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٩١).
(٢) رواه الطبراني، وإسناده حسن، كما في "المجمع" (٩/ ٦٣).