عن عمر - رضي الله عنه - أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني لا أدع مجلساً جلسته في الكفر إلا أعلنت فيه الإِسلام، فأتى المسجد وفيه بطون قريش متحلقة، فجعل يُعلن الإِسلام، ويشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
فثار المشركون، فجعلوا يضربونه ويضربهم، فلما تكاثروا خلصه رجل" (١).
عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من قصة إسلام عمر - رضي الله عنه -:
اْولأ: أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل: فقد انتفع عمر بن الخطاب بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فاحذر يا أيها المسلم أن تبخل على نفسك وعلى إخوانك بالدعاء، فالدعاء مستجاب، وليس شيء أكرم على الله -تبارك وتعالى- من الدعاء، فادع الله -تبارك وتعالى- واسأله من فضله.
ثانياً: يجوز للمسلم أن يدعو للكافر بالهداية، فقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب بالهداية، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أعز الإِسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب" فكان أحبهما إليه عمر بن الخطاب.
وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم أبي هريرة بالهداية، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنت أدعو أمي إلى الإِسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإِسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما
(١) رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقات كما قال الهيثمي.