للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكان أبو طالب "يحوط النبي ويغضب له" (١)، "وينصره" (٢)، وكانت

قريش تحترمه.

عباد الله! أبو طالب أشرف على الموت، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوه للإسلام لعله يموت عليه، ولكن الهدى هدى الله.

عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أي أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب! قال: فكان آخر كلمة أن قال: على ملة عبد المطلب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)} [التوبة:١١٣ - ١١٤].

وأنزل الله -عز وجل- قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)} [القصص: ٥٦] (٣).

عباد الله! وهكذا مات أبو طالب على الكفر، وخرج من الدنيا على غير لا إله إلا الله، إلا أن الله تفضل عليه بما قدم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشفَّع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجه من أسفل النار إلى أعلاها.


(١) رواه البخاري (رقم ٦٢٥٨).
(٢) رواه مسلم (رقم ٢٠٩).
(٣) أخرجه البخاري (رقم ١٣٦٠)، ومسلم (رقم ٢٤).