للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح من النار" (١).

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أهون أهل النار عذاباً أبو طالب وهو ينتعل نعلين يغلي منهما دماغه" (٢).

وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: وذكر عنده عمه أبو طالب فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه" (٣).

ولكن لم يشفع له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج من النار؛ لأنه لا يخرج من النار من مات كافراً أبداً، وحرم الله الجنة على من مات كافراً أو مشركاً.

عباد الله! مات أبو طالب، ولم تمض إلا أيام قلائل حتى ماتت الزوجة الوفية الأمينة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- فحزن عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزناً شديداً، وظل يذكرها بعد موتها بكل خير، ويثني عليها أحسن الثناء، حتى أن عائشة -رضي الله عنها- غارت منها بعد موتها ولم ترها، من كثرة ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرت خديجة، وما رأيتها قط ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة، وربما قلت له: كأن لم يكن


(١) أخرجه مسلم (رقم ٢٠٩).
(٢) رواه مسلم (رقم ٢١٢).
(٣) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٨٨٥)، ومسلم (رقم ٢١٠).