للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأدركه رزقه كما يدركه الموت" (١).

ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله، لا ينال إلا بطاعته" (٢).

ثانياً: الرحمة والعفو والصفح من أخلاق رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، فقد فعل الكفار ما فعلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولما دعا عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسبع كسبع يوسف واستجاب الله له فيهم، وجاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يدعو الله أن يرفع عنهم ذلك العذاب، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يغيثهم. وعندما اعتدى أهل الطائف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورشقوه بالحجارة حتى أدموه، وجاء ملك الجبال يطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمره أن يطبق على الكفار الجبلين، رفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك وقال: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئاً"

إنها أخلاق النبوة .. كيف لا والله -عز وجل- يقول: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]. وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].

ثالثاً: على الدعاة أن يصبروا على دعوتهم وعلى إيذاء الناس لهم، فلا بأس ولا قنوط من إسلام الكفرة والفجرة، ولا من توبة العصاة الفسقة،


(١) "صحيح الجامع" (٥١١٦).
(٢) صحيح بشواهده، انظر "صحيح الجامع" (٢٠٨١).