للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك. فسنُقدم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك!! ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم، قد آمنوا وصدقوا" (١).

عباد الله! لما رجع هؤلاء إلى المدينة ذكروا لقومهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوهم إلى الإِسلام، وفشا فيهم ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم تبق دارٌ إلا دخلها الإِسلام، حتى إذا استدار العام، وأقبل موسم الحج، خرج من المدينة اثنا عشر رجلاً من الذين أسلموا- فيهم الستة الذين كلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموسم السابق- وعزموا على الاجتماع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة- بمنى- وعقد معهم بيعة (وهي بيعة العقبة الأولى).

عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتون ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، قال فبايعناه على ذلك" (٢).

عباد الله! لما عزم القوم على العودة إلى المدينة، بعث معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأمره أن يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإِسلام، ويفقههم في الدين.


(١) قال الشيخ الألباني: إسناده حسن انظر "فقه السيرة" (ص ١٤٥).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ١٨)، ومسلم (رقم ١٧٠٩).