فعادوا، وقدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد دخلوا بيوتهم، فبصر به يهودي فناداهم بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جَدُّكم الذي تنتظرون، فخرجوا فاستقبلوه وكان فرحتهم به غامرة فقد حملوا أسلحتهم وتقدموا نحو ظاهر الحرّة فاستقبلوه.
ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قباء في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة وأسس مسجد قباء، ولما عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل المدينة أرسل إلى زعماء بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم وعدد الذين استقبلوه من الأنصار خمس مئة. فأحاطوا بالرسول وبأبي بكر وهما راكبان، ومضى الموكب داخل المدينة.
"وقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -" وقد صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون: يا محمَّد يا رسول الله، يا محمَّد يا رسول الله.
قال الصحابي البراء بن عازب - رضي الله عنه - وهو شاهد عيان "ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(١).
عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي كثيرة جداً منها:
أولاً: الدين أغلى عند المسلم من كل شيء، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه تركوا ديارهم وأموالهم فداء ونصرة لهذا الدين العظيم، وهذا يظهر من قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا