للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبي، ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه، أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم.

فلما بلغ ذلك ابن أبي ومن كان معه من عبده الأوثان اجتمعوا لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا" (١).

عباد الله! لما أرسل كفار مكة كتاب التهديد إلى ابن سلول وافق ذلك هوىً في نفسه، إذ كان أهل المدينة قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يرصعون التاج لابن أبي ليتوجوه ملكاً عليهم، فلما وصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انصرف الناس كلهم إليه، وأعرضوا عن ابن سلول، فكان ابن سلول يعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلبه الملك، فما هو أن أتاه هذا الكتاب من كفار قريش حتى بادر إلى تجميع الناس، وتحريضهم على قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمع هو ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصل الخبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إليهم، وذكرهم ونصحهم، فلما سمعوا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، كفوا أيديهم، وألقوا سلاحهم، ورجعوا عما عزموا عليه.

٣ - واستمر كفار مكة في تهديد المسلمين، فأرسلوا كتاباً آخر إلى المسلمين في المدينة يهددونهم بالهجوم عليهم في أي لحظة من ليل أو نهار للقضاء عليهم.


(١) "صحيح سنن أبي داود" (رقم ٢٥٩٥).