للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا التهديد ليس مجرد تهديد، وأن قريشاً قد تهاجمهم بالفعل في المدينة في آية ساعة من ليل أو نهار، مما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسهر بالليل ولا ينام.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "سهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمه المدينة ليلة؟ فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة.

قالت: فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح -أي: صوت سلاح-

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ؟

قال: سعد بن أبي وقاص.

قال: وما جاء بك؟

قال: وقع في نفسي خوف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نام حتى أصبحنا" (١).

واستمر هذا السهر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستمرت الصحابة في حراسته ليلاً، حتى نزل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيها الناس انصرفوا، فقد عصمني الله -عز وجل-" (٢).

عباد الله! ولم يكن هذا السهر خاصاً به - صلى الله عليه وسلم - وحده، بل كان أصحابه جميعاً لا يبيتون إلا بالسلاح، ولا يصبحون إلا فيه، حتى شق عليهم ذلك، وكانوا لا يظنون أن يأتي عليهم يوم يضعون فيه السلاح، ويأمنون فيه على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٨٨٥)، ومسلم (رقم ٢٤١٠).
(٢) "صحيح سنن الترمذي" (٣٠٤٦).