٦ - ثم أغار كرز بن جابر الفهري على المدينة واستاق سرحها، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ وادي سنوان قريباً من "بدر" فلم يدركه وتسمى هذه "غزوة بدر الأولى".
عباد الله! بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية، وأمّر عليها عبد الله بن جحش الأسدي، وكان ذلك في شهر رجب، وكتب النبي- صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن جحش كتاباً وأمره أن لا تنظر فيه حتى يسير يومين، فخرج عبد الله بن جحش في اثني عشر رجلاً من المهاجرين فلما سار يومين فتح الكتاب ونظر فيه، وإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمره أن يسير حتى ينزل في نخلة، مكان بين مكة والطائف، فيرصد فيها قريشاً ويتعرف على أحوالها، وأمره النبي- صلى الله عليه وسلم - أن لا يستكره أحداً من أصحابه على السير معه، فلما قرأ عبد الله كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعاً وطاعةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبر أصحابه أنه قد أمر أن لا يستكره أحداً منهم فمن أحب الشهادة فليسر، ومن كره الموت فليرجع.
فمضوا كلهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش في عشرة من المهاجرين حتى نزلوا بنخلة فمرت لهم عير قريش قادمة من الشام على رأسها عمرو بن الحضرمي ومعه ثلاثة نفر من كفار قريش فلما رأوا العير تشاوروا ماذا يفعلون؟
إننا في آخر يوم من رجب، فإن قاتلناهم قاتلناهم في الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا المسجد الحرام، فرأوا أن يقاتلوهم حتى لا يفلتوا منهم، فرمي أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، ثم أسروا رجلين وأفلت الرابع، فرجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعير والأسير، فأنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - تصرفهم ولم يقرهم عليه، وانتهزت قريش الفرصة للتشنيع على المسلمين والتشهير بهم، وذمهم وعيبهم على قتالهم في الشهر الحرام، وقالوا: انظروا إلى محمَّد