للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! وحاول المشركون وقف هذا الزحف الهائل، والسيل العارم، ولكن دون جدوى فتفرقوا وولوا مدبرين، ولم يجترئ أحدٌ من المشركين أن يدنوا من لوائِهم الذي سقط على الأرض، وأخذ جيش الكفر في الانسحاب من أرض المعركة.

عباد الله! قال ابن إسحاق: ثم أنزل الله نصره على المسلمين وَصَدَقَهُم وَعْدَهُ فحسُوهم -أي قتلوهم- بالسيوف حتى إذا كشفوهم عن المعسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها.

روى عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه قال: والله لقد رأيتُني أنظر إلى خدم -أي سوق- هند بنت عتبة وصواحبها مشمراتٍ هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير (١) ..

ويقول البراء بن عازب - رضي الله عنه -: "فلما لقيناهم هربوا، حتى رأيتُ النساء يشتددنَّ في الجبل يرفعن سوقهُن قد بدت خلاخيلهنَّ" (٢).

ويقول ابن عباس -رضي الله عنهما- ما نُصِرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في موطنٍ كما نصر يوم أحد.

قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}.

يقول ابن عباس: والحسُ القتل (٣).

عباد الله! وبينما كان الجيش الإِسلامي بعدده القليل يُسجل مرةً أخرى


(١) "سيرة ابن هشام" (٢/ ٧٧).
(٢) رواه البخاري (رقم ٤٠٤٣).
(٣) صحيح: رواه الحاكم (٢/ ٢٩٦).