- صلى الله عليه وسلم - وأظهروا الإِسلام، واستمدوه على قومهم (أي طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمدهم برجال من أصحابه إلى أقوامهم يعلمونهم الإِسلام والقرآن وأحكام الدين).
ومع أن العهد بالغدر الأول قريب، ولم ينس النبي - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه العشرة الذين قتلوا يوم الرجيع، إلا أن حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - الشديد وطمعه الكبير في إسلام الناس وانتشار الإِسلام جعله يستجيب لهذا الوفد، ويرسل معهم سبعين صحابياً من خيرة أصحابه.
يقول أنس - رضي الله عنه - "كنا نسميهم القراء، كانوا يقرءون القرآن بالليل ويتدارسونه فيما بينهم ويتعلمون، فإذا أصبحوا جاءوا بالماء فوضعوه بالمسجد واحتطبوا فباعوه واشتروا طعاماً لأهل الصفة والفقراء". فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم.
عباد الله! وعندما انتهى القراء إلى "بئر معونة" بعثوا أحدهم -وهو حرام ابن ملحان- إلى عامر بن الطفيل رأس الكفر في تلك البقاع، فأعطاه كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يدعوه فيه إلى الإِسلام، فلم ينظر "عامر" في الكتاب وأمر الكافر رجلاً من أتباعه أن يغدر بحامل الرسالة، فما شعر حرام إلا وطعنةً تخترق ظهره وتنفذ من صدره.
فقال حرام - رضي الله عنه -: "الله أكبر، فزت ورب الكعبة".
وكأن هذه هي الشهادة التي يتمناها من قديم.
عباد الله! ومضى "عامر" الكافر في جرمه، فاستصرخ أعوانه ليواصلوا العدوان على سائر القوم، فانضمت إليه قبائل "رعل" و"ذكوان" و"عصية" و "بني لحيان" فهجم بهم عامر على القراء.