قالوا: يا رسول الله! كسح رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "دعوها فإنها منتنة".
فسمع بذلك عبد الله بن أُبي -زعيم المنافقين- فقال: أو قد فعلوها؟
-يقصد بذلك المهاجرين- أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل- يعني: لعنة الله بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: دعه يا عمر، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد" (١).
عباد الله! والذي بلَّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة ابن أبي هو زيد بن الأرقم - رضي الله عنه - فتعالوا بنا لنستمع إليه وهو يخبرنا الخبر يقول زيدٌ - رضي الله عنه -: "خرجتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة - وهي غزوة بني المصطلق- فقال عبد الله بن أُبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
قال زيد: فذكرتُها لعمِّي أو لعمر فذكرها للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن أُبي وأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا فصدقهم وكذَّبني قال زيد: فأصابني همٌ ما أصابني مثلهُ قط، فجلستُ في بيتي فجاء عمِّى فقال:
ما أردت إلى أن كذَّبك رسول الله ومقتك؟ فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -