للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-أي: رجع- "ودنونا من المدينة آذن ليلةً بالرَّحيل، فقمت حين آذنوا بالرَّحيل، فمشيتُ حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرَّحلِ فلمستُ صدري فإذا عِقدي -من جزع أظفار- قد انقطع، فرجعت فالتمستُ عِقدي فحبسني ابتغاؤه" -أي: تأخرت وأنا أبحث عن عقدي-.

قالت: رضي الله عنها-: "وأقبل الرهطُ الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركبُ وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذا ذاك خِفافاً لم يغشهنَّ اللحم، فلم يستنكر القوم ثِقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السنِّ فبعثوا الجمل وساروا".

قالت -رضي الله عنها-: "ووجدت عِقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إليَّ".

قالت -رضي الله عنها-: "فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السُّلمي، قد عرّسَ مِن وراء الجيش" -أي: تأخر- "فأدّلج" -أي: جاء في آخر الليل- "فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يُضرب الحجابُ عليَّ".

قالت - رضي الله عنها-: "فاستيقظتُ باسترجاعه حين عرفني" - أي: انتبهت من نومي على قوله "إنا لله وإنا إليه راجعون" - "فخمرتُ وجهي بجلبابي، ووالله ما يُكلمني كلمة، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعهِ، حتى أناخ راحلتهُ .. فركبتُها، فانطلق يقود بي الرَّاحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا مُوغرين في نحر الظهيرة" -أي: نزلوا في شدة الحر- "فهلك من هلك