قصرها الأبيض من مكاني هذا" ثم قال: "بسم الله" وضرب ضربة أُخرى، فقلع بقية الحجر فقال: "الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأُبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا" (١).
عباد الله! وهكذا يبشر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أصحابه بفتح هذه البلدان، وهم يُعانون من شدة الجوع والبرد، فرفع ذلك من روحهم المعنوية، فانطلقوا يعملون بجد ونشاط في حفر الخندق وهم يربطون الحجارة على بطونهم من شدة الجوع وهذا من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
عباد الله! ومن معجزاته - صلى الله عليه وسلم - في حفر الخندق أيضاً زيادة الطعام بين يديه - صلى الله عليه وسلم -، تعالوا بنا لنستمع إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - وهو يخبرنا الخبر. يقول - رضي الله عنه -: "إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدَية شديدة -أي صخرة- فجاءوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال- صلى الله عليه وسلم -: "أنا نازل". ثم قام وبطنه معصوب بحجر -ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً- فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعول فضرب -أي الصخرة- فعاد كثيباً أهيل أو أهيم -أي صارت الصخرة رملاً سائلاً-
فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت.
فقلت لامرأتي: رأيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً، ما كان لي في ذلك صبر فعندك شيءٌ؟
قالت: عندي شعيرٌ وعَنَاقٌ - والعناقُ أنثى المعز-
يقول: فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البُرمة
(١) قال الألباني: "إسناده حسن" انظر "فقه السيرة" (ص ٢٩٧).