للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول البراء بن عازب - رضي الله عنه -: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني التراب جلدة بطنه، وكان كثير الشعر فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة وهو ينقل التراب يقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلنّ سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأُولى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

ثم يقول: "أبينا أبينا" ويمد بها صوته (١).

عباد الله! الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحفر بنفسه في الخندق مع أصحابه، والصحابة- رضي الله عنهم- يحفرون في الخندق هنا وهناك، وإذا بصخرة عظيمة تقابلهم فعجزوا عنها، فلجأوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: "إني نازل" فخلع ثيابه ثم هبط إليها.

عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى البراء بن عازب - رضي الله عنه - وهو يخبرنا الخبر يقول - رضي الله عنه -: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق، لا تأخذ فيها المعاول قال: فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المعول فقال: "باسم الله". فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: "الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها من مكاني هذا".

ثم قال: "بسم الله" وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر.

فقال: "الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأُبصِرُ


(١) رواه البخاري (رقم ٣٠٣٤).