وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة، فحمله بين يديه وأجاره حتى بلّغَ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتأخر عثمان - رضي الله عنه - في مكة حتى أشيع أنه قد قتل.
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه إلى البيعة، فبايعوه تحت الشجرة بيعة الرضوان على أن لا يفروا، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد نفسه وقال: هذه يد عثمان، ثم جاء عثمان - رضي الله عنه - بعد أن تمت البيعة.
قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
عباد الله! بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون على حالهم بالحديبية، إذ جاء بُديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة -وهم موضع سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل النصح له- فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قريشاً خرجت بكل ما تملك من قوة، ونزلت بالحديبية عند الماء الكثير، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب -أي أضعفت قوتهم وأموالهم- وأضرت بهم فإن شاءوا ماددتهم مدة -أي جعلت بيني وبينهم مدة يترك الحرب بيننا وبينهم فيها- وُيخلّو بيني وبين الناس -أي من الكفار العرب وغيرهم- فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد رحموا -أي فإن ظهر غيرُهم عليَّ كفاهم المؤنة، وإن أظهر أنا على غيرهم فإن شاءوا أطاعوني وإلا فلا تنقض مدة الصلح إلا وقد استراحوا وقووا-
ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي -أي: حتى أموت- ولينفذن الله أمره -أي: وليمضين الله أمره في نصر دينه-.