فقال بُديل: سأبلغهم ما تقول، ثم انطلق حتى أتى قريشاً فقال: يا معشر قريش، إنا جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا.
فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء.
وقال ذووا الرأي منهم: هات ما سمعته.
قال سمعته يقول كذا وكذا- وعرض عليهم الخطة التي عرضها عليه النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال لهم عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا الرجل قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته. فقالوا ائته. فأتاه فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً من قوله لبُديل، فقال له عروة عند ذلك: يا محمَّد جئت لقتال قومك، فإن قتلتهم فهل رأيت أحداً قبلك اجتاح قومه- أي أهلكهم -وإن كانت الأخرى- يعني إن هزمت أنت -فإني والله أرى حواليك أوباشاً خليقاً- أي: حقيقاً- أن يفروا عنك ويدعوك -أي يتركوك-.
فقال أبو بكر - رضي الله عنه - لعروة: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟
فقال عروة: مَنْ هذا؟ قالوا له: هذا أبو بكر.
فقال عروة: والله لولا يَدٌ لك عندي -أي نعمة- لم أجزك بها -أي: لم أكافئك بها- لأجبتك.
عباد الله! وأخذ عروة يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويأخذ بلحيته، وكان المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قائماً عند رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف وعلى رأسه المغفر، كلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضربها المغيرة بنعل السيف وقال له: نح يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.