للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: إي والله يا رسول الله، لقد قلنا هذا .. يعزُّ علينا أن تتركنا يا رسول الله وتقيم في أهلِك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ورسوله يُصِّدقانكم ويعذرانكم"، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - لهم: "كلا، ما أفعل الذي ظننتم، إني رسول الله هاجرتُ إلى الله وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم".

عباد الله! وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش المسلمين بتحطيم الأصنام، وتطهير البيت الحرام منها، وشارك - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بيده، فكان يهوي بقوسه إليها فتتساقط على الأرض تحت الأقدام وهو يقرأ: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)} {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)} وكانت الأصنام ستين وثلاث مئة.

عباد الله! ولطخ النبي - صلى الله عليه وسلم - صور إبراهيم وإسماعيل وإسحق وهم يستقسمون بالأزلام- وكانت هذه الصور داخل الكعبة- وقال - صلى الله عليه وسلم -: قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام.

ولم يدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكعبة إلا بعد أن محيت هذه الصور منها، ثم دخل- صلى الله عليه وسلم - الكعبة فصلى فيها ركعتين، ثمَّ استلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحجر الأسود، وطاف بالبيت سبعاً مهللاً مكبراً ذاكراً شاكراً، فلما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من الطواف بالبيت سبعاً، رقي الصفا فاستقبل الكعبة وهلَّل وحمد الله، وأثنى عليه، ومجَّدهُ بما هو أهله ودعا بما شاء الله أن يدعو به، ولم يطف بين الصفا والمروة لأنه لم يكن محرماً بعمرة (١).

عبادة الله! وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالاً أن يصعد فوق ظهر الكعبة، فيؤذن


(١) انظر "صحيح مسلم" (رقم ١٣٣٠)، و"صحيح البخاري" (رقم ٣٣٥٢).