للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقريش في جاهليتهم كما أنهم تبعٌ لقريش في إسلامهم، وكانت القبائل تنتظر ما يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه وعشيرته، فإن نصره الله عليهم دخلوا في دينه، وإن انتصرت قريش عليه يكونون بذلك قد كفوهم أمره.

فلما نصر الله رسوله والمسلمين، وفتحوا مكة عرف الناس جميعاً أنه رسول الله صدقاً، فدخل الناس في دين الله أفواجاً. قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) .. }.

ثانياً: سورة النصر علامة على أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قالت عائشة - رضي الله عنها-: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثر من قوله: "سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه".

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أخبرني ربي أنى سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتُها أكثرت من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه"، فقد رأيتها: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} (١).

عباد الله! وهذه السورة تسمى سورة التوديع، حيث جاءت مخبرة بقرب أجل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فعن ابن عباس: قال: كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدرٍ فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لِمَ تُدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله. فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاني ذات يومٍ فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٨١٧)، ومسلم (رقم ٤٨٣ بعد ٢١٧) واللفظ له.