للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ما تقولون في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)}.

فقال بعضهم: أمرنا أن نحمده ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً.

فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟

قلت: هو أجلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له، قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، - وذلك علامة أجلك- {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

فقال عمر: "ما أعلم منها إلا ما تقولُ" (١).

ثالثاً: التحذير من الشفاعة في حدٍ من حدود الله

قال عروة بن الزبير: إن امرأةً سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح، ففزع قومُها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه.

قال عروة: فلما كلمة أسامة فيها تلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان العشيّ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيباً فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي محمَّد بيده، لو أن فاطمة بنت محمَّد سرقت لقطعت يدها" ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك المرأة فقطعت يدها، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت.

قالت عائشة: فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).


(١) رواه البخاري (رقم ٤٩٧٠).
(٢) رواه البخاري (رقم ٢٦٤٨).