للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! وقد تأثر بعض المسلمين -في بداية الأمر- بهذا التقسيم لأنه لم يشملهم، فكان لابدَّ من بيان الحكمة لهم من ذلك.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لأعطي الرجل وأدعُ الرجل، والذي أدعُ أحبُ إليَّ من الذي أُعطي، ولكن أُعطي أقواماً لِما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير" (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعطي رجالاً حُدثاء عهد بكفر أتألفهم" (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعطي الرجل وغيره أحبُ إلي منه مخافة أن يكبه الله

في النار" (٣).

عباد الله! وقد بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار وجدوا في أنفسهم؛ لعدم أخذهم شيئاً من غنائم حنين، وأن بعض أحداثهم قالوا: "إذا كانت الشدة فنحن نُدعى، وتُعطى الغنائم غيرنا".

وقالوا: "يُعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم".

فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن عبادة أن يجمع له الأنصار، فجمعهم له في قبةٍ من أُدمٍ -أي: في خيمة من جلد- فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: يا معشر الأنصار! ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم بي".

قالوا: بلى!


(١) رواه البخاري (رقم ٩٢٣).
(٢) رواه البخاري.
(٣) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٧، ١٤٧٨)، ومسلم (رقم ١٥٠).