للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك" فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: "لا بل من عند الله عَزَّ وَجَلَّ" يقول - رضي الله عنه -: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه".

يقول - رضي الله عنه -: "فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنْخَلِعَ من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله" -أي: أخرجه في سبيل الله- "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك"، قلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر، وقلت: يا رسول الله! إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أُحدِّث إلا صِدقاً ما بقيتُ".

يقول - رضي الله عنه -: "فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى" -أي: أنعم عليه- "في صدق الحديث منذ ذكرتُ ذلك لِرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله تعالى به، والله ما تعمدت كذبةً منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي".

ثم قال - رضي الله عنه -: "فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} حتى بلغ: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة:١١٧:١١٩].

يقول كعب - رضي الله عنه -: "والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قطُّ بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أن لا أكون كذبته فأهْلِكَ كما هلك الذين كذبوا.