للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادة الأوثان، فدعا إلى عبادة الله؛ القريب والبعيد، والأحرار والعبيد، فآمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد، واستمر على مخالفته وعصيانه كل جبار عنيد، فكان أول من بادر إلى التصديق من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، ومن الغلمان علي بن أبي طالب، ومن النساء خديجة بنت خويلد زوجته عليه السلام، ومن الموالي مولاه زيد بن حارثه رضي الله عنهم أجمعين.

عباد الله! أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس في مكة إلى الله سراً، لا يصطدم بكفار مكة ولا يتدخل في آلهتهم.

وهذه أمثلة على ذلك:

فهذا عمرو بن عبسة السلمي يخبرنا عن إسلامه فيقول: "كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخباراً، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفياً جُرءاء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال: أنا نبي. فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله. فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: حرٌ وعبدٌ. قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به فقلت: إني متبعك. قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس!! ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني، قال فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم علي نفر من أهل يثرب، من أهل المدينة، فقلت: ما فعل الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت