للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة، فدخلت عليه ... " (١).

الشاهد يا عباد الله! أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في المرحلة الأولى يدعو الناس سراً.

عباد الله! وهذا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يخبرنا عن إسلامه فيقول:

"كنت غلاماً يافعاً أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط بمكة، فأتى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، وقد فرا من المشركين فقال- أو فقالا-: عندك يا غلام لبن تسقينا؟ قلت: إني مؤتمن ولست بساقيكما.

فقال: هل عندك من جذعةٍ لم ينز عليها الفحل بعد؟ قلت: نعم فأتيتهما بها، فاعتقلها أبو بكر وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضرع ودعا فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة منقعرة، فحلب ثم شرب هو وأبو بكر ثم سقياني. ثم قال للضرع: اقلص فقلص. فلما كان بعد أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: علمني من هذا القول الطيب -يعني القرآن- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك غلام معلم"، فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد" (٢).

عباد الله! المرحلة الأولى في مكة في الدعوة إلى الله كانت سرية والسبب في ذلك، أن كفار مكة كانوا لا يسمحون لأحد أن يعتدي على آلهتهم، وأن يأتي بدين غير الذي هم عليه، ولذلك بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة سراً.

ولكن في الجمعة القادمة -إن شاء الله- سيتبين لكم أن الله -تبارك

وتعالى- يأمر رسوله أن يصدع بالدعوة فيدخل في المرحلة الجهرية.

فكثير من الجماعات التي سلكت طريقاً غير طريق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يبدأون


(١) رواه مسلم (رقم ٨٣٢).
(٢) قال الألباني: إسناده حسن "صحيح السيرة النبوية" (ص ١٢٤).