قولٌ مُبْتَدَع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه خالق كل شيءٍ وربّه ومليكه، وأنه ما شاءَ كانَ وما لم يشأ لم يكن، وأن العبادَ لا يوجبون عليه شيئًا، بل كتبَ على نفسهِ الرحمة، وحرَّم على نفسِه الظلم، لا أن العبدَ يستحقُّ على الله شيئًا، كما يكون للمخلوق على المخلوق، بل الله هو المنعِمُ المتفضِّل على العباد بكلِّ خير، هو الخالق لهم، والمرسِل إليهم، والميسِّر لهم الإيمانَ والعملَ الصالح.
وإذا كان كذلك، لم تكن الوسيلة إلا بما منَّ به من فعله وإحسانه، والحقُّ الذي لعباده هو من فضله، ليس من بابِ المعاوضة، ولا من باب ما أوجبه غيرُه عليه.
وإذا سئُل بما جعله هو سببًا للمطلوب، من الأعمال الصالحة التي وعَدَ أصحابها بكرامته، ومن أدعية عباده الصالحين، وشفاعة ذوي الوجاهةِ عنَده؛ فهذا سؤال وتسبُّب بما جعلَه هو سببًا.
وأما إذا سُئل بشيءٍ ليس سببًا للمطلوب؛ فإما أن يكون إقسامًا عليه به، فلا يُقْسَم على الله بمخلوق، وإما أن يكون سؤالًا بما لا يقتضي المطلوب، فيكون عديم الفائدة، فالأنبياء والمؤمنون لهم حقٌّ على الله بوعده الصادق أن يُنَعِّمهم ولا يُعذِّبهم، وهم وُجَهاء عنده يقبل شفاعتهم ودعاءهم ما لا يقبله لغيرهم.
فإذا قال الداعي:"أسألك بحقِّ فلانٍ"، وفلانٌ لم يُدْعُ له، وهو لم يسأله باتباعِهِ لذلكَ الشخصِ ومحبتِه وطاعتِه، بل بنفس ذاتِه وما جعله له ربُّه من الكرامة = لم يكن قد سأله بسببٍ يوجبُ المطلوبَ.