للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليك بعمِّ نبيِّنا" (١) ، معناه: نتوسل بدعائه وشفاعته وسؤاله، ونحنُ نتوسُّل إليك بدعاء عمِّه وسؤاله وشفاعته، ليس المراد: أنَّا نُقْسِم عليك به، أو ما يجري هذا المجرى مما يُفْعَل بعد موته وفي مغيبه، كما يقول بعضُ الناس: أسألك بجاه فلان عندك؛ لأنه لو كان كذلك لكان توسُّلهم به أولى من عمِّه ولم يعدلوا إلى العباس، مع علمهم أن السؤال به أعظم من العباس، فَعُلِم أن التوسُّل هو ما يُفْعَل بالأحياء دون الأموات، وهو التوسُّل بدعائهم وشفاعتهم.

* وكذلك حديث الأعمى الذي علمه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل الله قبول شفاعة نبيِّه فيه، فيدل على أن النبيَّ شَفَعَ وسألَ، فعلَّمه أن يسأل اللهَ قبول شفاعته، ولهذا قال: اللهم فَشَفِّعْه فيَّ.

فلفظُ التوسُّل فيه إجمال، غَلِطَ فيه من لم يفهم مقصود الصحابة.

يراد به: التسبُّب به لكونه داعيًا وشافعًا، أو لكون الداعي مُحِبًّا له مطيعًا لأمره مقتديًا به، فيكون التسبُّب إما لمحبة السائل له واتباعه له، وإما بدعاء الوسيلة وشفاعته.

ويراد به: الإقسام به والتوسل بذاته، لمجرد الإقسام به على الله.

فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونَهَوا عنه، وكذلك لفظ السؤال قد يُراد به المعنى الأول، وقد يُراد الثاني، ومن الأول: حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار فدعوا الله بصالح الأعمال (٢) ؛ إذ هي أعظم ما


(١) تقدم هو وحديث الأعمى بعده في ص / ١٨٧.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٢١٥)، ومسلم رقم (٢٧٤٣) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>