للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتوسَّل به العبد إلى الله؛ لأنه وعد أنه يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله، فهولاء دعوه بعبادته وفِعْل ما أَمَر به.

ومن هذا ما يُذكر عن الفُضَيْل أنه أصابَه عُسْر البول، فقال: "بحبِّي لك إلَّا ما فرَّجت عني"، ففرَّج عنه (١) . وكذلك دعاء المرأة المهاجرة التي أحيا الله ابنها لما قالت: "اللهمَّ إني آمنتُ بكَ وبرسولكَ وهاجرتُ في سبيلك"، وسألَتِ الله أن يُحيي ولدِها (٢) .

فسؤال الله والتوسل إليه: بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وفِعْل ما يحبه، والعبودية والطاعة له هو من جِنْس فِعْل ذلك رجاءً لرحمةِ الله، وخوفًا من عذابه، وسؤاله بأسمائه وصفاته، كقوله: "أسألُك بأنَّ لكَ الحمدَ أنتَ الله المنانُ أنت اللهُ الأحد الصَّمَدُ" (٣) ونحو ذلك يكون من باب التسبُّب، فإنه كونه المحمود المنان الصمد يقتضي منَّته على عباده وإحسانَه الذي نحمده عليه، وتوحيدَه في صمديته، فيكون هو السيد المقصود الذي يَصْمُد إليه الناس في حوائجهم، وكل ما سواه مفتقِر إليه، وقد يتضمَّن ذلك معنى الإقسام عليه بأسمائه.

* وأما قوله: "أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا"؛ ففيه ضَعْف (٤) ؛ لكن بتقدير ثبوته هو من هذا الباب، فإن حقَّ السائلين أن يُجِيبهم، وحق المطيعين أن يُثِيبهم، فالسؤال لهم والطاعة، سببٌ لحصول إثابته وإجابته، ولو قُدِّر أنه قَسَمٌ، لكان قَسَمًا بما هو من


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية": (٨/ ١٠٩).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت": (ص / ١١ - ١٢).
(٣) تقدم ص/ ١٨٥.
(٤) تقدم ما فيه من الضعف ص / ١٨٦.

<<  <   >  >>