للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفاته؛ لأن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله، فصار هذا كقوله: "أعوذُ بِرِضَاكَ من سَخَطِكَ وبِمُعَافَاتِكَ من عُقُوْبِتَك ... " (١) الحديث.

فالاستعاذة لا تصح بمخلوق، كما نصَّ عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة، وذلك مما استدلوا به على أن كلامَ الله غير مخلوق، كقوله: "أَعُوْذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ" (٢) .

* وأما قول الناس: "أسألك بالله والرحم"، وقراءة من قرأ: {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} بالكسر؛ فهو من باب التسَبُّب بها، فإن الرحم توجب الصلة، فسؤال السائل بها توسُّل بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما، ليس من باب الإقسام، ولا من باب التوسُّل بما لا يقتضي المطلوب، [بل هو توسُّل بما يقتضي المطلوب] (٣) كالتوسُّل بدعاء الأنبياء.

فالتوسُّل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين؛ إما طاعتهم واتباعهم، وإما دعاؤهم وشفاعتهم، فمجرَّدُ [دعائه بهم] (٤) من غير طاعةٍ منه لهم، ولا شفاعةٍ منهم له؛ فلا تنفعه وإن عَظُم جاهُ أحدهم عند الله. فلا بد من ذلك؛ إما من سؤال المسؤول به، وإما التسبُّب بمحبَّته واتباعه خالصًا لله تعالى، لا لهوى ولا لحظِّ نفسٍ، بل لله وحدَه لا شريك له (٥) .

* * *


(١) أخرجه مسلم رقم (٤٨٦) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢٧٠٨) من حديث خولة بنت حكيم -رضي الله عنها-.
(٣) زيادة لازمة يستقيم بها السياق.
(٤) في "الأصل": "ذاتهم"، والإصلاح من "الاقتضاء".
(٥) من قوله: "فلا بد ... " إلى هنا الحق في حاشية الأصل، وليس هو في أصله.

<<  <   >  >>