للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم، فقمت مستبشرا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأني احتملت احتمالا، وذهب عني ما كنت أجد من الخوف والبرد، وعهد صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا أحدث حدثا. وفي رواية «أما سمعت صوتي؟ قلت نعم. قال: فما منعك أن تجيا بني؟ قلت البرد. قال: لا برد عليك حتى ترجع» كما يدل على ذلك الرواية الآتية «فقال له: إن في القوم خبرا فائتني بخبر القوم» قال: وفي رواية «إنه صلى الله عليه وسلم لما كرر قوله: ألا رجل يأتيني بخبر القوم يكون معي يوم القيامة؟ ولم يجبه أحد. قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله حذيفة. قال حذيفة: فمر عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عليّ جنة من العدو والبرد إلا مرطا لامرأتي ما يجاوز ركبتيّ، وأنا جاث على ركبتي. فقال: من هذا؟

قلت: حذيفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حذيفة، قال حذيفة رضي الله عنه: فتقاصرت بالأرض. قلت: بلى يا رسول الله. قال: قم، فقمت. فقال: إنه كائن في القوم خبر فائتني بخبر القوم. فقلت: والذي بعثك بالحق ما قمت إلا حياء منك من البرد.

قال: لا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليّ. فقلت: والله ما بي أن أقتل، ولكن أخشى أن أوسر. فقال: إنك لن تؤسر. اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمضيت كأني أمشي في حمام» مأخوذ من الحميم وهو الماء الحار وهو عربي «قال حذيفة: فلما وليت دعاني، فقال لي:

لا تحدثن شيئا» وفي رواية، لا ترم بسهم ولا حجر، ولا تضربن بسيف حتى تأتيني.

فجئت إليهم ودخلت في غمارهم، فسمعت أبا سفيان يقول: يا معشر قريش ليتعرف كل امرىء منكم جليسه، واحذروا الجواسيس والعيون، فأخذت بيد جليسي على يميني وقلت من أنت؟ فقال: معاوية بن أبي سفيان، وقبضت يد من على يساري.

وقلت: من أنت، قال عمرو بن العاص، فعلت ذلك خشية أن يفطن بي. فقال أبو سفيان: يا معشر قريش، والله إنكم لستم بدار مقام. ولقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، فارتحلوا فإني مرتحل ووثب على جمله فما حل عقال يده إلا وهو قائم، أي فإنه لما ركبه كان معقولا، فلما ضربه وثب على ثلاثة قوائم، ثم حل عقاله. فقال له عكرمة بن أبي جهل: إنك رأس القوم وقائدهم تذهب وتترك الناس، فاستحيى أبو سفيان وأناخ جمله وأخذ بزمامه وهو يقوده. وقال ارحلوا، فجعل الناس يرحلون وهو قائم. ثم قال لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله نقيم في جريدة من الخيل بإزاء محمد وأصحابه، فإنا لا نأمن أن نطلب، فقال عمرو: أنا أقيم، وقال لخالد بن الوليد: ما ترى أبا سليمان؟ فقال: أنا أيضا أقيم، فأقام عمرو وخالد في مائتي فارس، وسار جميع العسكر. قال حذيفة رضي الله عنه: ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليّ حين بعثني أن لا أحدث شيئا لقتلته؟ يعني أبا سفيان بسهم، وسمعت غطفان بما

<<  <  ج: ص:  >  >>