للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتبع الهدى. أما بعد- فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين» ثم قال للرجلين: وإنما يقولان مثل ما يقول؟ قالا نعم، قال: أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما انتهى.

ومنها وفد طيىء، وفيهم زيد الخيل رضي الله تعالى عنه. وفد عليه صلى الله عليه وسلم، وفيهم قبيصة بن الأسود، وسيدهم زيد الخيل. قيل له ذلك، لخمسة أفراس كانت له: أي ولو كان وجه التسمية يلزم اطراده لقيل للزبرقان بن بدر زبرقان الخيل.

فقد قيل: إنه وفد على عبد الملك بن مروان وقاد إليه خمسة وعشرين فرسا، ونسب كل واحدة من تلك الأفراس إلى آبائها وأمهاتها، وحلف على كل فرس يمينا غير اليمين التي حلف بها على غيرها، فقال عبد الملك: عجبي من اختلاف أيمانه أشدّ من عجبي من معرفته بأنساب الخيل.

وكان زيد الخيل شاعرا خطيبا بليغا جوادا، فعرض عليهم صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم. وقال صلى الله عليه وسلم في حق زيد الخيل: «ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما قيل فيه إلا زيد الخيل، فإنه لم يبلغ أي ما قيل فيه كل ما فيه» وسماه صلى الله عليه وسلم زيد الخير، أي فإنه صلى الله عليه وسلم قال له وهو لا يعرفه: «الحمد لله الذي أتى بك من سهلك وحزنك، وسهل قلبك للإيمان، ثم قبض صلى الله عليه وسلم على يده، فقال: من أنت؟ قال: أنا زيد الخيل بن مهلهل، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، فقال له صلى الله عليه وسلم: بل أنت زيد الخير، ثم قال: يا زيد ما أخبرت عن رجل قط شيئا إلا رأيته دون ما أخبرت عنه غيرك أي وأجاز صلى الله عليه وسلم كل واحد منهم خمس أواق، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشا: أي وأقطعه محلين من أرضه، وكتب له بذلك كتابا، ولما خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها إلى قومه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ينجو زيد من الحمى» أي ما ينجو منها، ففي أثناء الطريق أصابته الحمى، أي وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال له: يا زيد تقتلك أم ملدم يعني الحمى.

وفي رواية أن زيد الخيل لما قام من عنده صلى الله عليه وسلم وتوجه إلى بلاده، قال صلى الله عليه وسلم:

«أيّ فتى إن لم تدركه أم كلبة» يعني الحمى، والكلبة الرعدة.

وفي رواية: «ما قدم عليّ رجل من العرب يفضله قومه إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا ما كان من زيد، فإن ينج زيد من حمى المدينة فلأمر ما هو» .

قال: ولما مات أقام قبيضة بن الأسود الناحة عليه سنة، ثم وجه براحلته ورحله. وفيه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أقطعه فيه محلين بأرضه، فلما رأت امرأته الراحلة ضرمتها بالنار، فاحترقت واحترق الكتاب انتهى.

وفي كلام السهيلي: وكتب له كتابا على ما أراد وأطعمه قرى كثيرة منها فدك،

<<  <  ج: ص:  >  >>