للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا بنية لا تغررك هذه التي أعجبها حسنها وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، يريد عائشة، قال: ثم دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت: يا بن الخطاب دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه، فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، فأنا في منزلي، فجاءني صاحب لي من الأنصار، وأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة فأخذت ثوبي وجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو في مشربة له يرقى إليها بعجلة، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشربة وينحدر منها عليه، وغلام له أسود يقال له رباح على رأس العجلة، فقلت له قل له هذا عمر بن الخطاب، فأذن لي: أي بعد أن قال له: يا رباح استأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وفي كل مرة ينظر رباح إلى المشربة ولا يرد له جوابا، وفي الثالثة رفع له عمر رضي الله عنه صوته فأومأ إليه أن ارق، قال: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه القصة، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم، ويأتي أن هذا كان عند اجتماعهن عليه في النفقة لا لأجل معاتبة الله إياه بسبب الحديث الذي أفشته حفصة. ويحتمل أنه لا جتماع الأمرين.

وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى فيهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: الآية ٤] فقال: وا عجبا لك يا بن العباس هما عائشة وحفصة: أي فإن الله خاطبهما بقوله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ [التحريم: الآية ٤] أي فهو خير لكما فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: الآية ٤] أي مالتا عما يجب عليكما من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابتغاء مرضاته، ثم استقبل الحديث قال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نسائهم، فصخبت عليّ امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت:

ولم تنكر أن أراجعك؟ فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل، فأفزعني ذلك منهن، فدخلت على حفصة، فقلت له: أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم فقلت: قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله بغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكي، لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يريد عائشة، فأخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا، فدخلت على حفصة، فإذا هي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ ألم أكن حذرتك هذا؟ أطلقكن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري، ها هو معتزل في المشربة: أي الغرفة، فإنه صلى الله عليه وسلم لما عاتبه الله سبحانه بسبب الحديث الذي أفشته حفصة على عائشة حلف لا يدخل على نسائه شهرا،

<<  <  ج: ص:  >  >>