للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمعه على صدره، ثم ركع فبكى، ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل كذلك حتى جاءه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا، ولم لا أفعل وقد أنزل الله تعالى عليّ في هذه الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) [آل عمران: ١٩٠] إلى قوله: سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩١) [آل عمران: الآية ١٩١] .

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «أواه من عذاب الله قبل أن لا ينفع أواه» أي وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول من صنعت له النورة ودخل الحمام سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، فلما دخله وجد حره وغمه قال:

أواه من عذاب الله، أواه أواه قبل أن لا يكون أواه» .

أي وفي «سفر السعادة» : لم يدخل صلى الله عليه وسلم الحمام أبدا، والحمام الموجودة الآن بمكة شرفها الله تعالى المشهورة بحمام النبي صلى الله عليه وسلم لعلها بنيت في موضع اغتسل فيه صلى الله عليه وسلم مرة، هذا كلامه.

وأرسل صلى الله عليه وسلم وصيفة فأبطأت عليه، فقال لها: لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك. وما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة امرأة ولا خادما من أهله.

قال: وعن خادمه أنس رضي الله عنه: ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر فتوانيت عنه، أو ما صنعته فلامني، ولا لامني أحد من أهله صلى الله عليه وسلم إلا قال دعوه. وفي لفظ:

خدمته في السفر والحضر عشر سنين والله ما قال لي في شيء صنعته لم صنعت هذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه هذا هكذا؟ وهذا يدل على أنه رضي الله عنه خدمه أنس له صلى الله عليه وسلم عند قدومه المدينة، وتقدم أن في بعض الروايات ما يدل على أن ابتداء خدمة أنس له صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر، وتقدم ما فيه.

ووصف صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة بأن حلمه صلى الله عليه وسلم يسبق غضبه، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما.

وقد تقدمت قصته صلى الله عليه وسلم مع اليهودي الذي طلب منه وفاء ما اقترض منه صلى الله عليه وسلم قبل حلول الأجل ونظيرها.

وعن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فحاشا. استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال: بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه.

فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة متى عهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من

<<  <  ج: ص:  >  >>