تكبير المأموم، ثم رأيت الترمذي رحمه الله تعالى صرح بتعدد صلاته صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر رضي الله تعالى عنه حيث قال: ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر مقتديا به في مرضه الذي مات فيه ثلاث مرات، ولا ينكر هذا إلا جاهل لا علم له بالرواية هذا كلامه.
وبه يردّ قول البيهقي رحمه الله: والذي دلت عليه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلفه في تلك الأيام التي كان يصلي بالناس فيها مرة، وصلى أبو بكر رضي الله تعالى عنه خلفه صلى الله عليه وسلم مرة، وقال صلى الله عليه وسلم في مرضه ذلك يوما لعبد الله بن زمعة بن الأسود: مر الناس فليصلوا: أي صلاة الصبح. وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه غائبا، فقدّم عبد الله عمر رضي الله تعالى عنه يصلي بالناس، فلما سمع رسول الله صوته أخرج رأسه الشريف حتى أطلعه للناس، ثم قال صلى الله عليه وسلم: لا، لا، لا، ثلاث مرات، ليصلّ بهم ابن أبي قحافة، فانتفضت الصفوف، وانصرف عمر رضي الله تعالى عنه: أي من الصلاة، فما برح القوم حتى طلع ابن أبي قحافة فتقدم وصلى بالناس الصبح. وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت عمر رضي الله تعالى عنه قال: أليس هذا صوت عمر؟
فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: يأبى الله ذلك والمؤمنون. وفي لفظ: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر، قال ذلك ثلاثا. قال في السيرة الهشامية: فبعث صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر رضي الله تعالى عنه تلك الصلاة فصلى بالناس.
وقد يقال: المراد عمر تلك الصلاة نوى تلك الصلاة ودخل فيها، فلا يخالف ما تقدم من انتقاض الصفوف، وانصراف عمر رضي الله تعالى عنه من الصلاة. وقال عمر رضي الله تعالى عنه لعبد الله بن زمعة: ويحك ماذا صنعت يا بن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بهذا، فقال عبد الله بن زمعة رضي الله تعالى عنه: ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكن حيث لم أر أبا بكر ورأيتك أحق من حضر بالصلاة، وفي آخر يوم أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الستارة والناس خلف أبي بكر، فأراد الناس أن ينحرفوا فأشار إليهم صلى الله عليه وسلم أن امكثوا، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من هيئة المسلمين في صلاتهم سرورا منه صلى الله عليه وسلم بذلك، وذلك يوم الاثنين يوم موته صلى الله عليه وسلم ثم ألقى الستارة.
وفي السيرة الهشامية: لما كان يوم الاثنين قبض الله تبارك وتعالى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج إلى الناس وهم يصلون الصبح، فرفع الستر وفتح الباب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام على باب عائشة رضي الله تعالى عنها، فكاد المسلمون يقتتلون في صلاتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فرحا به، فأشار إليهم: أن اثبتوا على صلاتكم، ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفاق من وجعه، فرجع أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى أهله بالسنح، وفيها في رواية أنه لما كان يوم الاثنين