خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه إلى صلاة الصبح أبو بكر يصلي بالناس، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح الناس، فعرف أبو بكر رضي الله تعالى عنه أن الناس لم يصيبوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكص عن مصلاه، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظهره، وقال:
صل بالناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه على يمين أبي بكر رضي الله تعالى عنه فصلى قاعدا، فلما فرغ صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس رافعا صوته حتى خرج من باب المسجد يقول:«أيها الناس سعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، إني والله ما تمسكون عليّ بشيء، إني لم أحل إلا ما حل القرآن ولم أحل إلا ما حرم القرآن» .
ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه، قال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله قد أراك أصبحت بنعمة من الله وفضل كما تحب، واليوم يوم بنت خارجة أفآتيها؟ قال نعم، ثم دخل صلى الله عليه وسلم، وخرج أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى أهله بالسنح، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم، فليتأمل الجمع بين هذه الروايات. وقد أمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله تعالى عنه أن يصلي بالناس قبل مرضه، فإنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء بعد أن صلى الظهر وقد وقع بين طائفتين من بني عمرو بن عوف تشاجر حتى تراموا بالحجارة ليصلح بينهم، فقال صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله تعالى عنه: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصلّ بالناس، فلما حضرت صلاة العصر أذن بلال، ثم أقام ثم أمر أبا بكر رضي الله تعالى عنه فتقدم وصلى بالناس، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر فصفح الناس: أي صفقوا، فلما كثر ذلك التفت أبو بكر رضي الله تعالى عنه، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه فأراد التأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه وسلم أن يكون على حاله، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته؟ قال: يا أبا بكر ما يمنعك إذ أو مأت إليك أن لا تكون ثبتّ، فقال أبو بكر: يا رسول الله لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للناس: إذا نابكم في صلاتكم شيء فلتسبح الرجال ولتصفق النساء.
وهذا استدل به القاضي عياض رحمه الله على أنه لا يجوز لأحد أن يؤمه صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يصلح للتقدم بين يديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة ولا في غيرها لا لعذر ولا لغيره.
وقد نهى الله المؤمنين عن ذلك، ولا يكون أحد شافعا له صلى الله عليه وسلم: وقد قال صلى الله عليه وسلم «أئمتكم شفعاؤكم» وحينئذ يحتاج للجواب عن صلاته صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه ركعة، وسيأتي الجواب عن ذلك، ولعل هذه المرة كانت في اليوم الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الغداة، ورأى المسلمون أنه صلى الله عليه وسلم قد برىء ففرحوا