للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنها: لا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية:

لا أزال أغبط المؤمن بشدة الموت بعد شدته على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحصل لمن شاهده من أهله وغيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم من المشقة عليه كما قيل بمثل ذلك في حكمة ما يشاهد من حال الأطفال عند الموت من الكرب الشديد.

ثم رأيت الأستاذ الأعظم الشيخ محمد البكري رحمه الله ونفعنا به سئل عن ذلك. فأجاب بأجوبة منها هذا الذي ذكرته. ومنها أن مزاجه الشريف كان أعدل الأمزجة فإحساسه صلى الله عليه وسلم بالألم أكثر من غيره.

ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم: إني لأوعك كما يوعك رجلان منكم، ولأنّ تشبث الحياة الإنسانية ببدنه الشريف أقوى من تشبثها ببدن غيره لأنه أصل الموجودات كلها أي كما تقدم. أي وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: ما رأيت الوجع على أحد أشدّ منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم في مرضه: «ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء. كان النبي من أنبياء الله يسلط عليه القمل حتى يقتله. وكان النبي صلى الله عليه وسلم ليعرى حتى ما يجد ثوبا يوارى به عورته إلا العباءة يدرعها، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء» .

وقال صلى الله عليه وسلم: «ما يبرح البلاء على العبد حتى يدعه يمشي على الأرض ليس عليه خطيئة» وقال: «ليس من عبد مسلم يصيبه أذى فما سواه إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها» وفي لفظ: «لا يصيب المؤمن نكبة من شوكة فما قوقها إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة» وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يشتكي ويتقلب على فراشه. وكان يعوّذ بهذه الكلمات إذا اشتكى أحد من الناس منه «أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما فلما ثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه أخذت بيده اليمنى وجعلت أمسحه بها فأعوذه بتلك الكلمات، فانتزع صلى الله عليه وسلم يده الشريفة من يدي وقال:

اللهم اغفر لي، واجعلني في الرفيق الأعلى مرتين» .

وفي رواية: «لم يشتك صلى الله عليه وسلم شكوى إلا سأل الله العافية» حتى كان مرضه الذي مات فيه فإنه لم يكن يدعو بالشفاء، وطفق صلى الله عليه وسلم يقول: يا نفس ما لك تلوذين كل ملاذ.

أي وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: دخل عليّ عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ومعه سواك يستن به: أي من عسيب النخل، وكان أحب السواك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضريع الأراك: وهو قضيب يلتوي من الإراكة حتى يبلغ التراب فيبقى في ظلها فهو ألين من فرعها فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرفت أنه يريده لأنه كان يحب السواك، فقلت، آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته فقضمته ثم مضغته.

وفي رواية: فتناولته وناولته إياه فاشتد عليه، فقلت ألينه لك؟ فأشار برأسه نعم،

<<  <  ج: ص:  >  >>