أقدامهما: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسرّ بذلك صلى الله عليه وسلم لأن في ذلك ردا على من كان يطعن في نسب أسامة بن زيد كما تقدم.
وذكر بعضهم أن نبينا صلى الله عليه وسلم أثر قدمه في الحجر أيضا، فقد أثر في صخرة بيت المقدس ليلة الإسراء، وإن ذلك الأثر موجود إلى الآن.
وذكر الجلال السيوطي أنه لم يقف لذلك: أي لتأثير قدمه صلى الله عليه وسلم في الحجر على أصل ولا سند. قال: ولا رأيت من خرجه في شيء من كتب الحديث. وقال مثل ذلك فيما اشتهر على الألسنة من أن مرفقه الشريف لما ألصقه بالحائط غاص في الحجر وأثر فيه وبه يسمى ذلك المحل بمكة بزقاق المرفق.
ومن العجب أن الجلال السيوطي مع قوله المذكور قال في الخصائص الصغرى: ولا وطئ على صخر إلا وأثر فيه هذا كلامه، ولعله ظهر له صحة ذلك بعد إنكاره. ودعوى أنه صلى الله عليه وسلم ما وطئ على صخر إلا وأثر فيه قد يتوقف فيه. ثم رأيت الإمام السبكي ذكر تأثير قدمه الشريف في الأحجار حيث قال في تائيته:
وأثر في الأحجار مشيك ثم لم ... يؤثر برمل أو ببطحاء رطبة
قال شارحها: ولعل عدم تأثير قدمه الشريف في الرمل كان ليلة ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الغار: أي فليس كان هذا شأنه في كل رمل مشى عليه «وكان صلى الله عليه وسلم إذا رفع قدمه عن الرمل يقول لأبي بكر ضع قدمك موضع قدمي فإن الرمل لا ينمّ» أراد به إخفاء أثر سيره ليتحير المشركون في طلبه.
وفيه أن هذا التعليل مقتض لتأثير قدمه الشريف في الرمل لا لعدم تأثيره في ذلك. ويؤيد ذلك أنه سيأتي أنهم قصوا أثره إلى أن انقطع الأثر عند الغار: أي وقال لهم القاص هذا أثر قدم ابن أبي قحافة، وأما القدم الآخر فلا أعرفه إلا أنه يشبه القدم الذي في المقام يعني مقام إبراهيم، فقالت قريش: ما وراء هذا شيء أي محل كما سيأتي.
وفيه أن هذا أي تميز قدمه الشريف من قدم سيدنا أبي بكر ربما ينافيه قوله لأبي بكر:«ضع قدمك موضع قدمي فإن الرمل لا ينم» .
وقد يقال: لا منافاة لأنه يجوز أن يكون قدم أبي بكر لم يكن مساويا لقدمه صلى الله عليه وسلم ولا يضر في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن الرمل لا ينم» لجواز أن يكون المراد لا يظهر فيه قدمي ظهور أبينا فصح قول القائل هذا أثر قدم ابن أبي قحافة، وأما القدم الآخر إلى آخره، ولم يعترض هذا الشارح على تأثير قدمه صلى الله عليه وسلم في الحجارة بل أبدى لذلك حكما لا بأس بها فلتراجع.
وقوله في الأحجار يدل على أنه تكرر تأثير قدمه الشريف في الأحجار ولكن لم