يكن ذلك شأنه صلى الله عليه وسلم في كل حجر مشى عليه كما دلت عليه عبارة الجلال السيوطي، والله أعلم.
قال: وبينا عبد المطلب يوما في الحجر وعنده أسقف نجران. والأسقف:
رئيس النصارى في دينهم اشتق من السقف بالتحريك وهو طول الانحناء لأنه يتخاشع: أي يظهر الخشوع وذلك الأسقف يحادثه ويقول له إنا نجد صفة نبي بقي من ولد إسمعيل وهذا البلد مولده، ومن صفته كذا وكذا، وأتى برسول صلى الله عليه وسلم فنظر إليه الأسقف إلى عينيه وإلى ظهره وإلى قدمه، وقال: هو هذا ما هذا منك قال: هذا ابني، قال: ما نجد أباه حيا، قال: هو ابن ابني، وقد مات أبوه وأمه حبلى به. قال:
صدقت، فقال عبد المطلب لبنيه تحفظوا بابن أخيكم، ألا تسمعون ما يقال فيه؟ انتهى.
وعن أم أيمن «كنت أحضن النبي صلى الله عليه وسلم أي أقوم بتربيته فغفلت، عنه يوما فلم أدر إلا بعبد المطلب قائما على رأسي يقول يا بركة. قلت لبيك، قال: أتدرين أين وجدت ابني؟ قلت لا أدري، قال: وجدته مغ غلمان قريبا من السدرة لا تغفلي عن ابني فإن أهل الكتاب أي ومنهم سيف بن ذي يزن كما سيأتي يزعمون أنه نبي هذه الأمة، وأنا لا آمن عليه منهم، وكان لا يأكل يعني عبد المطلب طعاما إلا يقول عليّ بابني أي أحضروه، قال: وكان عبد المطلب إذا أتي بطعام أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه وربما أقعده على فخذه فيؤثره بأطيب طعامه انتهى.
وعن بعضهم أي وهو حيدة بن معاوية العامري كان من المعمرين، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم. قال بعضهم: مات وهو عم ألف رجل وامرأة، قال: حججت في الجاهلية، فبينا أنا أطوف بالبيت إذا رجل. وفي رواية: إذا شيخ طويل يطوف بالبيت وهو يقول:
رد إلى راكبي محمدا
وفي رواية:
يا رب رد راكبي محمدا ... اردده ربي واصطنع عندي يدا
قلت من هذا؟ قالوا: عبد المطلب بن هاشم، بعث ابن ابنه في طلب إبل له ضلت وما بعثه في شيء إلا جاء به، قال وفي رواية هذا سيد قريش عبد المطلب له إبل كثيرة فإذا ضل منها شيء بعث فيه بنيه يطلبونها، فإذا غابوا بعث ابن ابنه ولم يبعثه في حاجة إلا أنجح فيها، وقد بعثه في حاجة أعيا عنها بنوه وقد أبطأ عليه انتهى، فما برحت: أي ما زلت عن مكاني حتى جاء بالإبل معه، فقال له: يا بني حزنت عليك حزنا لا يفارقني بعده أبدا، وتقدم عن بعض المفسرين ما لا يحتاج إلى إعادته هنا.