للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن رقيقة بنت أبي صيفي: أي ابن هاشم بن عبد مناف زوجة عبد المطلب، ذكرها ابن سعد في المسلمات المهاجرات أقول: وقال أبو نعيم: لا أراها أدركت الإسلام. وقال ابن حبان: يقال إن لها صحبة والله أعلم. قالت تتابعت على قريش سنون: أي أزمنة قحط وجدب ذهبت بالأموال، وأشفين: أي أشرفن على الأنفس، قالت فسمعت قائلا يقول في المنام: يا معشر قريش إن هذا النبي المبعوث منكم هذا إبان أي وقت خروجه وبه يأتيكم الحيا أي بالقصر المطر العام والخصب، فانظروا رجلا من أوساطكم: أي أشرافكم نسبا طولا عظاما أي طويلا عظيما أبيض مقرون الحاجبين أهدب الأشفار أي طويل شعر الأجفان، أسيل الخدين: أي لا نتوّ بهما رقيق العرنين أي الأنف. وقيل أوله فليخرج هو وجميع ولده وليخرج منكم من كل بطن رجل فيتطهروا ويتطيبوا، ثم استلموا الركن، ثم ارقوا إلى رأس أبي قبيس، ثم يتقدم هذا الرجل فيستسقي وتؤمنون، فإنكم تسقون، فأصبحت وقصت رؤياها عليهم، فنظروا فوجدوا هذه الصفة صفة عبد المطلب فاجتمعوا عليه، وأخرجوا من كل بطن رجلا ففعلوا ما أمرتهم به، ثم علوا على أبي قبيس ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام، فتقدم عبد المطلب فقال: لا هم هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك وإماؤك وبنو إمائك، وقد نزل بنا ما ترى، وتتابعت علينا هذه السنون فذهبت بالظلف والخف والحافر:

أي الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، فأشفت على الأنفس: أي أشرفت على ذهابها فأذهب عنا الجدب، وائتنا بالحيا والخصب فما برحوا حتى سالت الأودية.

قال: وفي رواية أخرى عن رقيقة قالت: تتابعت على قريش سنون جدبة أقحلت، أي أيبست الجلد، وأدقت العظم، فبينا أنا نائمة أو مهمومة أي بين اليقظانة والنائمة إذ هاتف هو الذي يسمع صوته ولا يرى شخصه كما تقدم يصرخ بصوت صحل: أي فيه بحوحة وهي خشونة الصوت وغلظه يقول: يا معشر قريش إن هذا النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه: أي قربت منكم، وهذا إبان مخرجه فحيعلا بالحيا والخصب، ألا فانظروا رجلا منكم وسطا عظاما أبيض بضا أي شديد البياض، أوطف الأهداب أي كثير شعر العينين أسهل الخدين، أشم العرنين أي مرتفع الأنف، له فخر يكظم عليه أي يسكت عليه ولا يظهره وسنن يهتدى إليها أي يرشد إليها، فليخلص هو وولده وولد ولده وليدلف أي يتقدم إليه من كل بطن رجل فليسنوا من الماء: أي يفرغوه على أجسادهم أي يغتسلوا به، وليمسوا من الطيب، ثم يلتمسوا الركن وليطوفوا بالبيت العتيق سبعا، ثم ليرقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم ألا وفيهم الطيب الطاهر فغثتم إذا ما شئتم أي جاءكم الغيث على ما تريدون. قالت:

فأصبحت مذعورة قد اقشعر جلدي ووله أي ذهب عقلي، واقتصيت رؤياي أي ذكرتها على وجهها فنمت أي فشت وكثرت في شعاب مكة، فما بقي أبطحي إلا قال

<<  <  ج: ص:  >  >>