للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمال للفضل، والسخاء لعبيد الله، والفقه لعبد الله.

قال: ولما حج عبد الملك: أي وذلك في سنة خمس وسبعين قال له الحارث: أنا أشهد لابن الزبير بالحديث الذي سمعه من خالته عائشة رضي الله تعالى عنها قال: أنت سمعته منها؟ قال نعم، فجعل ينكت، بالمثناة فوق، بقضيب كان في يده الأرض ساعة، ثم قال: وددت أني كنت تركته يعني ابن الزبير وما تحمل.

وفي رواية أن عبد الملك كتب إلى الحجاج وددت أنك تركت ابن الزبير وما تحمل وهذا هو الموافق لما في تاريخ الأزرقي أن الحرث وفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب يعني ابن الزبير سمع من عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان يزعم أنه سمع منها في بناء الكعبة. قال الحرث:

أنا سمعته منها، قال عبد الملك: أنت سمعته منها؟ الحديث وكون عائشة حدثت ابن الزبير بما ذكر لا ينافي ما في تاريخ ابن كثير عن بعضهم.

قال سمعت ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما يقول: حدثتني أمي أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «لولا قرب عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام» الحديث، وفي رواية «أن عائشة رضي الله تعالى عنها نذرت إن فتح الله مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تصلي في البيت ركعتين، فلما فتحت مكة، أي وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يفتح لها باب الكعبة ليلا، فجاء عثمان بن طلحة بالمفتاح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إنها لم تفتح ليلا قط، قال فلا تفتحها ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها وأدخلها الحجر وقال: صلي ههنا، فإن الحطيم» أي الحجر «من البيت إلا أن قومك قصرت بهم النفقة» أي الحلال «فأخرجوه من البيت، ولولا حدثان قومك بالجاهلية لنقضت بناء الكعبة، وأظهرت قواعد الخليل، وأدخلت الحطيم في البيت وألصقت العتبة على الأرض، ولئن عشت إلى قابل لأفعلن ذلك» ولم يعش عليه الصلاة والسلام ولم تتفرغ الخلفاء لذلك.

وبما ذكر يعلم ما في قول الأصل فهدمها: أي عبد الملك وبناها على ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد علمت أن الحجاج لم يبن إلا الحجاب الذي يليه الحجر، والبناء الذي تحت العتبة والدرجة التي في باطنها.

وأما التراب الذي جعل في باطنها، فيحتمل أن يكون هو التراب الذي أخرجه عبد الله بن الزبير استمر باقيا فأعاده الحجاج، ويحتمل أنه غيره، ولم أقف على بيان ذلك في كلام أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>